ربك الإجراء الذي استحدثته وزارة السكن والعمران والمدينة، بفرض استخراج “وثيقة السلبية” قبل استلام مفاتيح “عدل”، المكتتبين في البرنامجين الأول والثاني، حيث طرحوا العديد من التساؤلات: متى، كيف، ولماذا؟! خاصة أنهم حصلوا على الموافقة على الملفات التي أودعوها في المرحلة الأولى من العملية، ودفع أغلبهم الشطر الأول من قيمة السكن! فكيف يرهن اليوم تسليم المفاتيح بشهادة العذرية العقارية للمكتتب؟
أثار الإجراء الذي نشرته “الخبر” قبل أيام، حول عودة الوكالة الوطنية لتحسين السكن وتطويره لفرض “شهادة السلبية” قبل استلام مفاتيح “عدل”، ضجة بين المكتتبين، خاصة أن الوضعية المادية للكثير منهم تغيرت خلال الفترة الأخيرة، ووقعت الكثير من التعاملات العقارية التي من شأنها أن تسقط اسم المكتتب من قائمة المستفيدين، حيث يقول “محمد. ب« من براقي إنه اشترى أرضا بقيمة 56 مليون سنيتم بعد تسجيله إلكترونيا في البرنامج ودفع الملف الخاص به، إضافة إلى الشطر الأول من قيمة السكن والمقدرة بـ27 مليون سنتيم، غير أنه تساءل، في اتصال بـ«الخبر”، عن مصيره اليوم؟ مستغربا أن يطبق هذا القرار على جميع الأشخاص الذين يحوزون على ملك عقاري ولو كان بسيطا! مكتتب آخر قال إنه سجل في سبتمبر 2013 إلكترونيا، غير أنه اشترى سكنا من غرفة واحدة، قال إنه ينوي المكوث فيه إلى غاية استفادته من سكن “عدل”، حيث ولدى حديثه مع “الخبر” قال إن جميع الأموال التي يملكها استعملها في اقتناء هذا المسكن الذي وصفه بـ«المتواضع”، مستغربا أن يتسبب لجوؤه إلى سقف صغير يؤويه إلى إقصائه من البرنامج، في حين قالت سيدة ثلاثينية إنها لا تملك إلا منزل والدها الذي ورثت جزءا منه مع إخوتها، وتتساءل فيما إذا كان الإجراء سيحرمها من السكن الذي كانت تنتظره.
وجاء الإجراء، الذي أقرته الوكالة الوطنية لتحسين السكن وتطويره “عدل”، من أجل تدعيم البطاقية الوطنية للسكن، هذه الأخيرة التي كانت حديثة الإنجاز في الفترة التي حيّن فيها أوائل المكتتبين ملفاتهم التي تعود إلى سنتي 2001 و2002، وحتى المسجلون في الموقع الإلكتروني في سبتمبر من سنة 2013، وعليه فإن هذه البطاقية ظلت تخضع للتحيين الدوري، الذي من شأنه أن يضيف الآلاف من الأسماء، غير أن نفس البطاقية لا تزال “عاجزة” عن احتواء جميع الأشخاص الذين يملكون عقارات وأراضي، خاصة أن الكثير من المعاملات تمت في وقت سابق عبر حصول المستفيدين على قرارات استفادة فقط، ولم تسجل بشكل رسمي، إضافة إلى عدم رقمنة أرشيف أملاك الدولة، ما يجعله عاجزا عن مد وزارة السكن بقائمة الأشخاص الحاصلين على سكن.
ولهذا، فإن الإجراء الجديد يمكن أن يكون مكملا للبطاقية الوطنية للسكن، على اعتبار أن “شهادة السلبية” هي الدليل المادي على عذرية المكتتب العقارية، وحتى بالنسبة للمكتتبين الذين قبلت ملفاتهم فإن إسقاطهم من الاستفادة وارد، بل إن الآلاف من المكتتبين المسجلين ستسقط أسماؤهم خلال هذه العملية.
لكن العراقيل التي تقف أمام وزارة السكن والعمران لتنفيذ هذا الإجراء كثيرة، منها التأكد من سلامة هذه الشهادة التي يقدمها المكتتب، وألا تكون مزورة، كما أن تطبيق الإجراء من شأنه خلق طوابير من المكتتبين أمام المحافظة العقارية، فالعدد الإجمالي للمكتتبين في البرنامج الأول يفوق 100 ألف، أما عن البرنامج الثاني فأعطى المسؤول الأول عن القطاع، عبد المجيد تبون، رقم 280 ألف، قبل أن يرفع خلال المخطط الخماسي الجاري إلى 400 ألف إجمالية.
ومن المعلوم أن استخراج هذه الوثيقة يتطلب من المواطن التنقل بنفسه مرفقا بنسخة من بطاقة التعريف الوطنية إضافة إلى شهادة الميلاد ودفع 500 دينار، قبل أن ينتظر مدة أقصاها 15 يوما قبل أن يحصل على الوثيقة، حيث ينتظر أن تدرج وزارة السكن إجراءات جديدة من أجل تحسين نوعية الخدمة، بالموازاة مع انطلاق أول عملية لتسليم المفاتيح المنتظرة نهاية السنة الجارية، وعليه فإن هذا الإجراء سيجلب لخزينة الدولة أكثر من 25 مليار سنتيم.
رئيس جمعية المكتتبين، عبد الكريم بن منصور، لـ”الخبر”
“الإجراء يفتح بابا للتزوير”
قال رئيس جمعية “الأمل” لمكتتبي برنامج عدل 2001 و2002، عبد الكريم بن منصور، إن إجراء استخراج وثيقة السلبية بالنسبة لجميع المكتتبين يمكن أن يفتح مجالا للتزوير، على اعتبار أن بعض المكتتبين يمكن أن يزوروا هذه الشهادة ويحصلوا على شهادة تنفي حيازتهم على أي عقار، مطالبا الوكالة والوزارة بأن تفرضا مراقبة صارمة في هذا الاتجاه.
وأوضح نفس المصدر أن أي إجراء من شأنه أن يسقط أسماء المكتتبين المحتالين “نحن نرحب به”، لكنه اشترط أن يكون الإجراء “عمليا”، حيث يقول إن “شهادة السلبية” يمكن أن تكون إحدى الوسائل التي تسهل عملية الكشف عن المتلاعبين” خاصة، مثلما يضيف، وأنها ستكون قبيل استلام المفاتيح، وهو الأمر الذي قال إنه “صحي” بالنسبة للوكالة من جهة وأيضا للمكتتبين الآخرين الأحق بالحصول على المسكن.
وأردف المتحدث، من خلال اتصال هاتفي مع “الخبر”، أن الإجراء الذي استحدثته الوكالة قد يمنع بعض المستغلين فعلا من الحصول أو الاستفادة من مسكن، غير أنه حذر من إمكانية تلاعب البعض بهذه الوثيقة، مبرزا في هذا الصدد: “لا يمكن الكشف عن التحايل بمجرد استحضار هذه الوثيقة، لأن بعض الأشخاص يمكنهم التلاعب والتزوير”، وعليه دعا بن منصور إلى إرفاق هذا الإجراء بمراقبة صارمة.
على صعيد آخر، طالب نفس المصدر بضرورة تسهيل عملية سحب هذه الوثيقة على المكتتبين: “إذا كانت لهذا الإجراء إيجابيات فلا بد من النظر في إمكانية تأثيره سلبيا على المكتتبين، خاصة إذا تطلب استخراج الوثيقة مدة طويلة”. وأوضح أنه على الوزارة التنسيق مع مصالح أملاك الدولة حتى لا يحدث ضغط على نفس مصالح المحافظة العقارية، وهو الأمر، مثلما يضيف، الذي يمكن أن يؤثر سلبا على سيرها.