فقد سعر النفط حوالي 4 دولارات خلال اليومين الماضيين، حيث بلغ أمس حوالي 54.8 دولارا للبرميل، وسط مؤشرات تفيد ببقاء مستويات المخزون الأمريكي عاليا ومؤشرات إيجابية على مسار المفاوضات الخاصة بالملف النووي الإيراني.
وكشفت تداولات الأسواق الآجلة عن انحدار كبير لأسعار البترول في وقت أعاد فيه عدد من الدول الأعضاء في أوبك تأكيدهم على عدم مراجعة سقف الإنتاج المقدّر بـ 30 مليون برميل يوميا، فقد بلغ أمس مؤشر برنت بحر الشمال لتسليمات شهر أفريل 54.8 دولارا للبرميل بتراجع نسبته حوالي 2 في المائة مقارنة بالتداولات أمس الأول لدى الإقفال.
ولا يزال السوق مع ذلك، يترقب النتائج التي ستتمخض عن المفاوضات بين الدول الغربية وإيران بخصوص الملف النووي، حيث يساهم هذا الاتفاق في عودة مرتقبة لإحدى أهم الدول المنتجة للنفط في منطقة الشرق الأوسط بقدرة إنتاج يمكن أن تتجاوز 4 ملايين برميل يوميا وإحدى أهم الاحتياطات الغازية، وتقوم إيران حاليا بتخزين كميات كبيرة من النفط في ناقلات ضخمة في عرض البحر، ويمكن لهذه الكميات استغلالها في حالة التخفيف من الحصار المفروض على إيران من قبل البلدان الغربية لاسيما الدول الأوروبية والولايات المتحدة.
ويشير الخبير الدولي جورج ميشال، أن توقعات السوق الحالية تفيد ببقاء أسعار النفط متدنية، خاصة وأن الطلب العالمي لا يزال متواضعا ولا يتجاوز العرض الذي يعرف فائضا جراء تجاوز العديد من البلدان، سواء داخل “أوبك” أو خارجه مثل روسيا والمكسيك لمستوى إنتاجها الاعتيادي. ويمثل غياب التنسيق والانضباط عامل عدم استقرار يتضاعف مع مواصلة الولايات المتحدة لتدعيم إنتاجها الذي يفوق 9.5 مليون برميل يوميا بفضل تدعيم النفط الصخري. ورغم أن الأسعار تدنّت إلى مستوى قياسي بمعدل 50-58 دولار للبرميل، إلا أن إسقاطات السوق النفطي تفيد بأن معدل سعر النفط خلال الثلاثي الأول من السنة يبقى ضعيفا، حيث لا يتعدى 55 دولارا للبرميل مقابل حوالي 100 دولارا خلال نفس الفترة من سنة 2014 قبل أن يبدأ البرميل بالانخفاض بصورة منتظمة بداية من جوان 2014 إلى غاية الآن.
ويستبعد الخبير الدولي اتخاذ قرارات جديدة داخل “أوبك” خلال اللقاء المنتظر خلال السداسي الأول من السنة، مما يدعم منحى الأسعار .
في نفس السياق، تفيد التقديرات الإحصائية إلى أن متوسط سعر النفط الجزائري بلغ خلال الثلاثي الأول من السنة الحالية حوالي 55 دولارا للبرميل، وهو من أضعف المعدلات منذ خمس سنوات، ويساهم هذا المستوى في تقليص الإيرادات الجزائرية، حيث يرتقب أن تكون أقل من مستوى الإيرادات المسجلة في 2014 والتي استفادت من مستوى أعلى للبرميل خلال السداسي الأول. ويمثل النفط نسبة 38 في المائة من حجم الصادرات ولكنه يعرف تراجعا حسب التقديرات المقدمة من قبل منظمة “أوبك”، حيث تشير المنظمة إلى أن الإنتاج الجزائري لا يزال بعيدا عن مستواه المسجل في 2012 أي في حدود 1.2 مليون برميل يوميا، ويبلغ حوالي 1.114 إلى 1.115 مليون برميل يوميا، هذا العامل المزدوج يؤثر سلبا في العائدات الإجمالية الجزائرية، لاسيما وأن صادرات الغاز الجزائري أيضا سجلت انكماشا بدورها إلى مستوى 55 مليار متر مكعب بدلا من معدل 60 و63 مليار متر مكعب. ولا يقتصر الأمر على ذلك، حيث أن دول “أوبك” عموما تعاني هذه السنة من عجز معتبر نتيجة انخفاض الأسعار بداية بفنزويلا، ولكن أيضا العربية السعودية أكبر منتجي النفط داخل المنظمة، فضلا عن إيران والعراق، هذا الأخير رفع من مستوى صادراته، ثم عادت الصادرات إلى التراجع، فيما تشكّل ليبيا حالة خاصة مع تدن كبير للإنتاج الذي يقدّر حاليا بحوالي 350 ألف برميل يوميا، رغم أن قدرات ليبيا الفعلية تبلغ حوالي 1.7 مليون برميل يوميا. ومن المنتظر أن تلتقي الدول الأعضاء بالمنظمة لدراسة وضع السوق في فيينا دون أن ينتظر منهم إيجاد حلول عملية لمشكل التراجع في الأسعار.