حرصاً منها على الوقوف جنباً إلى جنب، مع الرجل في وجه التحديات المعيشية في بلد اللجوء ، افتتحت أم محمد في مدينة الريحانية التركية ،صالة التزيين هذه ، ومارست فيها مهنة أجبرتها على تعلمِها ، ظروفها الشبيهة بظروف تلك الفتيات فعمل المرأة السورية في المنفى ،هو السبيل الى الحفاظ على كرامتها كما تقول أم محمد.
" هذه المهنة كانت بالنسبة لي مجرد هواية ، ولكنني أمارسها بسبب صعوبة الظروف و لأن المرأة في بلد اللجوء أصبحت أمام خيارين إما أن تستعطي وتذل أو تعمل وتعيش بكرامة ، وفي هذا الوضع لا يكفي أن يعمل الأب فقط و إنما يجب على الأم أن تقف بجانبه وتعمل أيضاً".
لا يقتصر عمل ام محمد على ممارسة مهنتها وتدريب الفتيات السوريات ، اذ أنها شغلت نفسها بعمل آخر لا تستغنِ عنه وما رسته حتى في بيتها ، فالكلمة التي ترددها دائما عندما تريد فعل شيء ، فقط ابدأ.
وتبدأ المرحلة التالية من يوم ام محمد بشراء بعض الحاجيات و الطعام والمشي بعد ذلك مئاتِ الأمتار للوصول إلى المنزل الذي ترتاده كل يوم و هو المنزل الذي يؤوي عشرين مصابا أقعدتهم الحرب في قفص الغربة و أبعدتهم عن أهاليهم و أمهاتهم، و لكن اذا ما دخلت إلى هذا المكان ، فأكثر كلمة يمكنك أن تسمعها هي " أمي"
يقول " راسم قدور " و هو أحد المصابين : أم محمد هي من تقدم لنا الطعام و تؤمن لنا احتياجاتنا الاسعافية كا الشاش و غيره ، انها تمضي معظم وقتها عندنا في هذا المكان تبذل كل طاقتها لأجلنا ، وهي بمثابة أمنا الحقيقية "
تتحدث أم محمد عن سبب اهتمامها بهؤلاء الجرحى قائلة : الدافع الأم للتعاطف مع هؤلاء الشباب هو أن لدي ابن جريح ، لديه بتر في الساق اليمنى وثلاثة عشر عملاً جراحياً في الساق اليسرى "
وفي ساعات المساء ،تعود أم محمد الى منزلها مثقلة بالتعب بقدر عطائها ، تجلس مع أفراد عائلتها و تسامرهم ، تسمعهم ، ويسمعونها وتلقي عليهم بعضاً من شعرها وكتاباتها