خرج الأستاذ الحسن حساني بن إبراهيم الشريف، شيخ مشيخة الطريقة القادرية بالجزائر وعموم وإفريقيا، ومقرها الرويسات بورڤلة، عن صمته، أمس، بخصوص التعليمة الأخيرة لوزير التجارة، عمارة بن يونس، التي تأمر مصالح السجل التجاري بتسهيل إجراءات منح رخص بيع الخمور بالتجزئة والجملة، لمن أراد ممارسة هذا النوع من التجارة، وتحدث الشيخ في حواره مع "الشروق" عن عدة نقاط مفصلية نتطرق إليها بالتفصيل.
فضيلة الشيخ، ما تعليقكم على قضية منح تراخيص بيع الخمور من طرف وزارة التجارة، التي تثير ضجة هذه الأيام ؟
أكيد، سمعت عن هذا، ووصلتني تفاصيلها بدقة عن طريق مستشاري الخاص، وأنا أتحمل مسؤوليتي، إذ أقول لهذا الوزير الذي أكن له كل الاحترام، عليك أن تعود إلى رشدك سريعا، وتتقي الله لأنك جزائري مسلم، ولا يجب عليك قبول ترويج الخمور بهذه الطريقة، سواء بالتجزئة أو الجملة، "هذا عيب وعار عليك"، وأقول له أيضا عليك أن تحترم نفسك، وتحترم مشاعر غيرك، ولن نتسامح معك، ولا مع غيرك مهما كانت الظروف، وأعلم أن تجاوز حدود الله سبحانه وتعالى خط أحمر بيننا.
ألا تعتقد أن كلامكم هذا محرج للوزير؟
هذه نصيحة وليست إحراجا لأحد، وتأكد أنه لما يتعلق الأمر بدين الله تعالى، فلن أقف موقف المتفرج، ويجب أن أدفاع عن حدود الله، بعد أن قال تعالى في محكم تزيله "ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه"، علما أن ترويج الخمور ليست بتجارة، وإنما هي انحراف عن الدين الإسلامي، الذي يعد أحد مصادر التشريع الجزائري، وينبغي احترامه، ومشاورة العلماء والمشايخ، قبل أي تصرف يمس بأحاسيس الآخرين، وبكلام الله الذي ذكر أن الخمر رجس من عمل الشيطان ويجب اجتنابه، وأعتقد أن ترويج الخمور هو محاربة للمسلمين في عقر دارهم، ولا يغنينا مهما كانت الظروف والمساعي والتوجهات للتلاعب بمصير البلاد التي تعيش ظروف خاصة.
وعلى وزير التجارة أن يعي جيدا أن بيع الخمور بهذه الكيفية لن نرضى عنه، وليعلم كذلك أنني أستاذ في الاقتصاد، وأفهم جيدا معنى التجارة المربحة خارج مجال ترويج وبيع الخمور.
تردد أن المنظمة العالمية للتجارة فرضت الترخيص لبيع الخمور، كشرط للانضمام إليها، هل يبرر السعي إلى الانضمام لهذه المنظمة خطوة الوزارة؟
اسمح لي .. هذه "ترهات" في نظري، ولن نقبل بها إذا تعلق الأمر بتعدي حد من حدود الله، أو ضرب آية من القرآن الكريم عرض الحائط، لن نقبل بهذا أبدا، مهما كانت المسببات والأعذار، وأنتم تعلمون جيدا أن كل "مسكر حرام"، والقاعدة الشريعة تقول "ما يسكر قليله فكثيره حرام"، وهناك عدة نصوص قرانية تحرم ذلك، فكيف من جهة نحارب المخدرات والحبوب المهلوسة في أوساط الشباب ونصرف على محاربتها الملايير، ومن جهة أخرى نسمح بترويج المسكرات بطريقة ثانية؟ هذا عبث بالعقول، يجب أن يتوقف سريعا، وأدعو الشعب الجزائري وكل المريدين وأتباع الطريقة القادرية، أن يقفوا وقفة رجل واحد وبحزم ضد ترويج الخمور المحرمة شرعا.
إن ترويج الخمور بحجة إرضاء منظمات بعينها وإغضاب الله وعلى حساب المسلمين، غير مسموح به على الإطلاق، ومهما كانت التبعات، وعليه ألتمس من الحكومة مراجعة هذا الأمر عاجلا، لما له من عواقب مستقبلية وخيمة على الجميع، ثم إنه "عيب وعار" على وزير للتجارة، مهما كانت الضغوطات عليه، أن يقف ضد دين الله تعالى الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفيه الصدور، ولو كان في الخمر منفعة للناس لكان الله أحلّه من فوق سبع سموات وما ذلك على الله بعزيز.
نبقى في إطار القضايا المستحدة، هناك من يرى أن المشيخة محسوبة على السلطة، وقد سكتت كثيرا عن عدة قضايا مصيرية، على غرار الغاز الصخري في الجنوب، ما قولك؟
نحن لسنا دعاة سياسة أو تشهير، أو انتهاز فرصة للقفز فوق الآخرين أو معاداة أي جهة تحترم الدين الإسلامي الحنيف، ولكننا نعمل من أجل حماية الإسلام، وعادتنا الشريفة المتوارثة، والحفاظ على الوحدة الوطينة وتلاحم الشعب. أما سكوتنا بخصوص بعض القضايا منها الغاز الصخرى، وما يحدث من تجاذبات، إنما المراد منه "صوت الحكمة"، وعدم الخوض في أمور تنبئنا مسبقا، أنها سوف تتحول إلى أمور سياسية، وهذا ليس من شأننا، رغم أننا نتضامن مع أهلنا في عين صالح، ونقول كلمة الحق في السر والعلن، لكن لن نقف مع كل يحاول أن يمس بوحدة الوطن والعودة إلى زمن العنف والفتنة.