تتجه الحكومة إلى اعتماد تدابير استعجالية ترقيعية ترمي، في محصلتها، إلى مواجهة هاجس العجز المسجل في ميزاني التجارة والمدفوعات وتآكل الإيرادات. ولم تجد حكومة سلال إلا إعادة تدابير مماثلة لتلك التي اتخذتها حكومة أويحي بفرض الاعتماد المستندي في قانون المالية التكميلي 2009، معتبرة أن أصل الداء في الصعود المتنامي للواردات، في وقت لاتزال السلطات عاجزة عن حل معضلة التبعية للمحروقات.
بعد عشرية من اعتراف بوتفليقة بسيطرة مجموعة أشخاص على نشاط الاستيراد
الحكومة تلجأ لحلول ترقيعية للحد من الواردات
منذ اعتراف رئيس الجمهورية في بداية سنوات حكمه الـ15 بوجود 15 شخصا يحتكرون التجارة الخارجية في سياق شركات “استيراد.. استيراد”، الذي تغير هو فاتورة الاستيراد التي انتقلت من 9 ملايير دولار سنويا في 2000 إلى قرابة الـ60 مليار دولار في 2014، رغم ما قيل عن تعميم استعمال رقم التسجيل الجبائي والقرض المستندي وتوسيع شبكة التنسيق في المعلومات بين الجمارك والضرائب ومصالح وزارة التجارة.
أظهر خطاب الوزير الأول، عبد المالك سلال، أمس، بقصر الأمم بنادي الصنوبر، بشأن إعادة تنظيم التجارة الخارجية، أن الدولة طيلة 15 سنة ظلت في نقطة الصفر، وكشفت صراحة أنها غير قادرة على التحكم في الاستيراد والمستوردين الذين ظلوا باعتراف الرئيس بوتفليقة في بداية حكمه، يستوردون “قش بختة وفناجن مريم”. وما أعلنه سلال أمام المشاركين في الندوة الدولية حول التجارة الخارجية، لا يخرج عن نطاق أن البقرة الحلوب التي كانت “تمول” الحاويات المستوردة من الخارج، لم تعد قادرة على ذلك، بعدما تراجعت أسعار المحروقات من 120 دولار للبرميل إلى حدود 48 دولارا في الثلاثي الأول من سنة 2015.
لقد ظلت الموانئ الجزائرية “مشرعة” ومفتوحة على مصراعيها طيلة 15 سنة، استورد فيها كل شيء من أجل فقط تحويل العملة الصعبة إلى الخارج وليس من أجل خلق صناعة محلية، بدليل إفلاس أغلب الشركات الوطنية بفعل المنافسة الشرسة التي تعرضت لها من وراء سياسة الاستيراد الواسعة تحت شعار “دعه يعمل دعه يمر”، ولم تعد تملك أي حصة في السوق الوطنية. وعندما وقعت الفأس في الرأس، جاءت الحكومة بعد فوات الأوان لاقتراح العودة إلى اعتماد القرض الاستهلاكي مع تخصيصه لفائدة المنتوج المحلي غير الموجود أصلا أو بأثمان ليست في متناول المستهلكين.
وإذا كان تراجع أسعار المحروقات بمثابة ضارة نافعة، لأنها فرضت على الحكومة دون قناعة منها، لأنها لم تفعل ذلك خلال سنوات البحبوحة، أن تتجه مجبرة إلى تقنين التجارة الخارجية تحت ضغط شح مداخيل الخزينة من العملة الصعبة، فإنه يستبعد الذهاب بمشروعها إلى نقطة اللارجوع وإغضاب أرباب شركات “استيراد.. استيراد” الذين تمكنوا في السنوات الأخيرة من إبرام صفقة الزواج بين السلطة والمال، مثلما اعترفت به العديد من الأحزاب في الساحة الوطنية من المعارضة وحتى من الموالاة. وما أشبه اليوم بالبارحة، فتحرير التجارة الخارجية في سنوات 94، تزامن مع أزمة مالية خانقة عرفتها البلاد، وما تبعها من برنامج التعديل الهيكلي وجدولة المديونية، غير أن ذلك لم يمنع من ازدهار نشاط شركات “استيراد.. استيراد” من وراء ما كان يسمى يومها “خطوط القروض” التي كانت تمنحها بعض الدول على غرار إيطاليا وفرنسا، من أجل اقتناء مواد بعينها من تلك الدول، وهي الخطوط التي كانت تمنح للخواص، كما وقف عندها رئيس الحكومة الأسبق بلعيد عبد السلام في بداية التسعينيات.
هذه الأزمة البترولية التي أثرت على مداخيل الدولة، لن تغير كثيرا في الديكور العام، فالذين قال الرئيس بوتفليقة إنهم ثلة يسيطرون على نشاط الاستيراد، مازالوا هم أنفسهم مع فارق أنهم ازدادوا قوة وتأثيرا، بدليل ما ذهب إليه الوزير الأول السابق أحمد أويحيى الذي اتهم أطرافا بتحريك أحداث الشارع في 5 جانفي 2011 أو ما سمي “أحداث الزيت والسكر”، ما يعني أن إجراءات عبد المالك سلال لتقنين التجارة الخارجية ستبقى مجرد حبر على ورق، لأن من يمسك بنشاط الحاويات هم جزء من منظومة الحكم ويصعب بالتالي من يطهر من ؟
“الخبر” تكشف عن مشروع إعادة تنظيم وهيكلة الشركات العمومية لقطاع السياحة
مجمع و5 فروع تسيير لتحسين الخدمات الفندقية والسياحية
15مؤسسة تسيير سياحي تعاني عجزا ماليا وخسائرها فاقت 293 مليون دينار
غلق 5 مؤسسات فندقية عمومية في 2013 وخسائر بـ61 مليون دينار
صادق مجلس مساهمات الدولة برئاسة الوزير الأول عبد المالك سلال على مشروع جديد قدم من قبل وزارة السياحة، يهدف إلى إعادة هيكلة القطاع العمومي السياحي وإحداث تغييرات في بنية مؤسسات التسيير السياحي والتسيير الفندقي العمومي، من خلال إنشاء مجمع و5 فروع، في محاولة لتدارك النقائص المسجلة في القطاع والرفع من مستوى الخدمات، حيث تظل الجزائر من بين آخر الوجهات السياحية في المنطقة المتوسطية.
ويكشف المشروع عن ارتفاع محسوس لرقم أعمال المؤسسات العمومية الاقتصادية للسياحة من 5 ملايير دينار في 2002 إلى 16 مليار دينار في 2013 وتسجيل زيادة كمية في عدد المتوافدين على المواقع السياحية والسواحل، فضلا عن ارتفاع قدرة الإيواء من 73.548 سرير في 2002 إلى 96.497 سرير في 2012، إلا أن النتائج الكمية المجردة تخفي عددا كبيرا من النقائص والاختلالات لاسيما في القطاع العمومي، وهو ما دفع السلطات العمومية إلى التفكير مجددا في إيجاد هيكلة وتنظيم جديدين للمؤسسات العمومية، في محاولة لضمان تأقلم هذه المؤسسات مع المحيط الجديد الذي يتسم بالمنافسة، خاصة أن القطاع الخاص أصبح يمثل أكثر من 85 في المائة من الحظيرة الفندقية في الجزائر.ورغم أنه يمثل نسبة كبيرة من النشاط الاقتصادي العالمي، إلا أن القطاع السياحي والفندقي في الجزائر يعاني من التأخر الكبير، سواء من حيث المنشآت القاعدية أو البنى التحتية والموارد البشرية المؤهلة، ما يؤثر سلبا على مستوى الخدمات المقدمة.
وأوضح العرض الخاص بمشروع إعادة هيكلة وتنظيم المؤسسات العمومية لقطاع السياحة أن “إعادة تنظيم هياكل القطاع العمومي تندرج في إطار مسعى تثمين القدرات وعقلنة استغلال الموارد وتحسين ظروف الاستقبال وإنتاج الثروة، كما تهدف إعادة تنظيم المؤسسات إلى إقامة مجمع وفروع لتسيير المؤسسات لتكون مناسبة مع محيط يتسم بالنمو والمنافسة والرفع من قدرات التوظيف للموارد البشرية والوسائل المادية.
وأبان المشروع عن الهيكلية القائمة حاليا، حيث تشرف على القطاع شركة التسيير والمساهمة “جيستور”، هذه الأخيرة تحوز على محفظة بها 15 مؤسسة تسيير سياحي ومؤسستان للتسيير الفندقي، وهذه الأخيرة تضم 66 مؤسسة، منها 13 فندقا حضريا و14 فندقا سياحيا شاطئيا و20 فندقا صحراويا، إضافة إلى 4 فنادق بيئية و8 محطات حموية ومركز للعلاج بمياه البحر، فضلا عن مركز تجاري، بينما سجل توقف 5 مؤسسات عن النشاط. وتبلغ قدرة إيواء المؤسسات 20.698 سرير وتشغل 7638 عامل، برقم أعمال يقدر بـ16 مليار دينار العام 2013.
بالمقابل، يشمل التنظيم أيضا مؤسسات عمومية اقتصادية غير مرتبطة هيكليا بصورة مباشرة، مثل الديوان الوطني الجزائري للسياحة الذي يشرف على 29 وكالة للسياحة والأسفار وفندق بقدرة 40 سريرا ووحدة للنقل السياحي يضم 50 حافلة و27 سيارة سياحية، وهو يشغل 292 عامل برقم أعمال يقدر بـ315 مليون دينار سنة 2013.
وأشار العرض إلى أن هنالك 15 مؤسسة من مجموع 61 تعاني من العجز وبلغت خسائرها 293 مليون دينار، ورقم أعمالها يقل عن 200 مليون دينار، وبلغ رأسمالها 1.318 مليار دينار. بالمقابل، حققت 46 مؤسسة رقم أعمال بـ14.370 مليار دينار وربحا بـ3.122 مليار دينار، فيما تم غلق 5 مؤسسات في 2013، مع تسجيل خسائر بـ61 مليون دينار، منها المرجان لتدهور وضعيته والأرز الذي تعرض للتخريب وفندق الميزاب.
ولاحظ العرض وجود ضعف في الاستقلالية المالية للمؤسسات، ناتج عن مستوى عالٍ للمديونية، جزء منها نتيجة القروض الموجهة لتمويل الاستثمارات، وتمثل الاستدانة ما يعادل 22 شهرا من رقم أعمال المؤسسات.
قانون مالية تكميلي قريبا لضبط التجارة والقضاء على الغش
“نحن لسنا بحاجة لاستيراد المفرقعات”
أعلن الوزير الأول عبد المالك سلال، أمس، الحرب على المستوردين “الفوضويين”، مشيرا إلى أن كل المواد المنتجة من قبل المؤسسات الأجنبية تدخل السوق الوطنية عبر عمليات الاستيراد دون تصفية، وقال في خطابه الموجه للمستوردين “إن بواخر تحمل مواد لا تستهلك تسدد أثمانها ونحن نتفرج”، وأضاف “نحن لسنا بحاجة لاستيراد المفرقعات”.
وشدد الوزير، خلال افتتاح أشغال الندوة الوطنية حول التجارة الخارجية بقصر الأمم بنادي الصنوبر، على أن الوقت قد حان لمكافحة الغش والتزوير بصفة قوية تطبيقا لقوانين الجمهورية، مضيفا أن الحكومة “لن تتراجع في استعمال قوة القانون لقمع هذه الممارسات”، في إشارة إلى المراهنة التي يميزها تراجع المداخيل الوطنية جراء انخفاض أسعار البترول. وأوضح سلال أن إنشاء رخص الاستيراد لا يهدف إلى تكريس مبدأ احتكار التجارة الخارجية وإنما لتقنين هذا النوع من النشاط التجاري والسماح للسلطات العمومية الوصية بالتحكم في عمليات الاستيراد، من منطلق أن رخص الاستيراد ستوزع طبقا للقانون الساري العمل به لضمان إجرائها بطريقة مدروسة واحترافية، بالموازاة مع التحكم الأمثل في الواردات وتقنينها بوضع حد لكل المواد المستوردة التي تضر بصحة المستهلكين وتوقيف استيراد مواد ثانوية ودون فائدة للسوق الجزائرية.
بالمقابل، كشف عبد المالك سلال عن توجه الحكومة إلى الاستعانة بقانون المالية التكميلي بعد حوالي سنتين من عدم اللجوء إليه، وأضاف أن القانون الذي سيصدر خلال الأشهر القليلة المقبلة سيتضمن العديد من القرارات والإجراءات التي تهدف لضبط التجارة الخارجية والقضاء على الغش والتحايل في مختلف المعاملات التجارية، إلى جانب الإجراءات الأخرى التي ستلجأ إليها الحكومة لتنظيم التجارة الخارجية، حيث وجّه تعليمة لوزارة التجارة لتصفية المستوردين حسب طبيعة السلع المستوردة في إطار العمل على محاربة الممارسات المتعلقة بالتحايل، رغم أنه أكد على أن الواردات الوطنية انخفضت بنسبة 15 في المائة منذ بداية السنة الحالية.
على صعيد آخر، أكد الوزير الأول على إعادة بعث القرض الاستهلاكي على أن يخصص للمنتوج الوطني فحسب، وقال إن القرار سيدخل حيز التنفيذ قريبا، في إطار سعي الحكومة إلى المساهمة في ترقية وتطوير الإنتاج المحلي وتحسين تنافسيته واستهلاكه بالمقارنة مع المنتجات المستوردة قصد تقليص فاتورة الواردات.
تأسيس مجمع للسياحة والفندقة وحل المؤسسات دون تصفيتها
أشارت وزارة السياحة إلى أن التنظيم الجديد يندرج ضمن مخطط عمل الحكومة وفقا لتوصية مجلس مساهمات الدولة رقم 01/142/28/08/2014، والتي تنص على تشكيل مجمع يعرف باسم مجمع الفندقة والسياحة والحموية و5 شركات فروع، حسب فروع النشاط، تتسم بالتجانس وبقدرات اقتصادية تضمن ديمومة النشاط.
ويوضح مخطط التنظيم الجديد تشكيل مجمع وفروع له يدعم بوسائل مادية وموارد، مع قدرة للتدخل تتسم بالفعالية لتحقيق عدد من الأهداف من بينها بعث سياسة تسويقية لاستقطاب حصة من السوق من السياح الأجانب وضبط النشاط والمهن السياحية لتطوير النوعية والتحضير لرهانات كبرى مستقبلية مثل الاستثمار في البحث والاستشراف وتوقع العرض والطلب، إضافة إلى دعم الفروع والمهن لتنمية نوعية العرض وتطوير المعارف الخاصة بالمحترفين في قطاع السياحة، وأخيرا الحرص على ضمان منافسة عادلة وحماية المستهلك والرقي بنوعية الخدمات المقدمة والمنتجات.
وتتضمن الهيكلة الجديدة عدة بدائل منها تنظيم حسب المهن، أي حضرية وشاطئية وصحراوية وحموية، وتنظيم إقليمي جهوي، وسط وشرق وغرب وهضاب عليا وجنوب، فضلا على خيار المقاييس أو التصنيفات مستوى راق جدا “5 نجوم”، راق “4 نجوم زائد” ومتوسط “3 نجوم” واقتصادي “نجمتان زائد”. وتم تفضيل خيار يدمج بين الخيارات الثلاثة وإنشاء سلاسل مدمجة ومتنوعة، مع اقتراح تشكيل مجمع فندقي وسياحي وحموي و5 فروع برقم أعمال للفرع يتراوح ما بين 2.157 و5.800 مليار دينار وتعداد ما بين 1400 و2000 عامل باستثناء الأوراسي الذي يضم 802 عامل.
وتتضمن الهيكلة الجديدة إقامة مجمع يعرف باسم “مجمع الفندقة والسياحة والحموية” و5 فروع وسط وتلمسان والجزائر وعنابة والأوراسي، يضم كل منها على التوالي 17 و14 و14 و17 و4 مؤسسات. ويضمن المجمع التسيير والتنسيق وتحديد الاستراتيجية، بينما تقوم الفروع بتسيير المؤسسات التي تشمل 66 مؤسسة سياحية وحموية. ويبقى الديوان الوطني الجزائري للسياحة مؤسسة مستقلة غير مدمجة للإرشاد السياحي، وتقوم الفروع الخمسة باستيعاب مؤسسات التسيير السياحي والفندقي الـ17، ما يؤدي إلى حلها دون تصفيتها وتحويلها إلى التسيير المباشر للفروع الخمسة المؤسسة كشركات ذات أسهم.
الوزير الأول يكشف
“370 ألف مليار خارج سيطرة الدولة”!
كشف الوزير الأول عبد المالك سلال أن حجم السيولة النقدية المتداولة في القنوات غير الرسمية خارج البنوك تقدر بـ3700 مليار دينار، بينما تقدر الأموال المتداولة ضمن الأطر الرسمية بـ2324 مليار دينار فقط، في إشارة إلى استفحال ظاهرة الاقتصاد الموازي. وأكد المتحدث على ضرورة إعادة النظر في هذه الوضعية من أجل الإدراج التدريجي لهذه الكتل النقدية ضمن القنوات الرسمية، بينما يعتبر تقديم هذا الرقم من قبل الحكومة واعترافها بتداول السوق الموازية لسيولة نقدية أكبر من تلك المتداولة في الأطر القانونية الأولى من نوعها، تفرضه ضرورة استعادة الخزينة العمومية لهذه المبالغ نظرا للتداعيات المفروضة عليها جراء تراجع المداخيل الوطنية منذ جوان من السنة الماضية. وأشار محافظ بنك الجزائر، محمد لكصاسي، من جهته، إلى أن ارتفاع السيولة النقدية المتداولة خارج معاملات البنوك والمؤسسات المالية يفرض اللجوء إلى إقرار إجراءات الدفع الحديثة والعمل بالصكوك البنكية، وأكد على أهمية التقليل من المعاملات النقدية.