سرب موقع “كريس كولمان”، أو ما يعرف بـ”ويكيليكس المغرب”، وثائق جديدة عن الدبلوماسية المغربية، يتعلق بعضها بمراسلات بعثتها بالأمم المتحدة حول الأوضاع في ليبيا والبعض الآخر بالسفارة في صنعاء. ووعد وزير الخارجية، صلاح الدين مزوار، في نهاية العام الماضي، بـ”تقديم الدلائل التي تثبت بأن خصوم الوحدة الترابية (الجزائر) هم من يقفون وراء هذه التسريبات”.
يسبب “كريس كولمان” عبر تغريداته في “تويتر”، حرجا كبيرا للحكومة المغربية منذ الصيف الماضي، نظرا لكشفه مضامين وثائق دبلوماسيتها المصنفة سرية. ففي أحدث التغريدات، التي كتب عنها موقع “أخبارنا” المغربي، أمس، نقلا عن وكالة أناضول التركية، جاء بأن سفارة المغرب باليمن راسلت مزوار تطلب منه دعم الحكومة اليمنية في حربها ضد الحوثيين، في مقابل أن تقوم صنعاء بتقديم السند لترشح الرباط للعضوية في محكمة العدل الدولية.
ولم تتضح تفاصيل المراسلة التي وجهتها البعثة الدائمة بالهيئة الأممية إلى الوزير مزوار بشأن ليبيا. ومعروف أن المغرب احتضن عدة اجتماعات في إطار مسعى الحوار السياسي في ليبيا، حضرتها تنظيمات وجمعيات من ليبيا. وجرى ذلك موازاة مع لقاء بالجزائر، جمع أحزابا ليبية لبحث تشكيل حكومة وحدة وطنية.
وجاءت التسريبات الجديدة، بعد أن طلبت الحكومة المغربية من الجيش تشديد المراقبة على الأمن المعلوماتي. وهي خطوة فهمت بأن دبلوماسية المغرب تعرضت لضرر بالغ بسبب هذه القضية. وأصبح الجيش هو المشرف مباشرة على أنظمة التشفير والمعطيات السرية للوزارات، والمؤسسات المالية والعمومية والمرافق ذات الحساسية، مقابل سحب هذا النشاط من الوكالة الوطنية لتقنين المواصلات الحكومية، التي كانت تشرف على مراقبة القطاع.
وأبدت السلطات المغربية استياء بالغا، الصيف الماضي، بعد أن نشر “كريس كولمان” وثائق سرية للدبلوماسية تتعلق بالصحراء الغربية، وصورا عن الحياة الخاصة لمسؤولين مغاربة. وتمت هذه التسريبات بفضل قرصنة البريد الإلكتروني لعدة شخصيات سياسية، أبرزها الوزير مزوار. ولم تتوقف التسريبات عند هذا الحد، بل امتدت إلى العلاقات المغربية الفرنسية، إذ تحدث الموقع، الذي يخفي صاحبه هويته الحقيقية، عن دفع أموال لصحافيين فرنسيين مقابل مقالات تؤيد الطرح المغربي لحل نزاع الصحراء.
وقد نفى الصحافيون الذين تم ذكرهم بالأسماء ما نسبه لهم “كريس كولمان”، بينما اتهم مزوار الجزائر بصفة مباشرة بالوقوف وراء القضية. وقال، في ديسمبر الماضي، إن “تسريب وثائق سرية لمسؤولين مغاربة هو من تنفيذ المخابرات الجزائرية التي قامت بعمل رديء، إذ تعلق أغلب الوثائق المسربة بموضوع واحد، وهو قضية الصحراء”. وهدد بـ”الكشف وبالدليل بأن الجزائر وراء هذا العمل”، وهاجم في نفس السياق “قوى معادية للمغرب”. ولم يصدر رد فعل من الحكومة الجزائرية على هذه الاتهامات، أما مزوار فلم يقدم البراهين التي وعد بها إلى اليوم.
وتقول “أخبارنا” إن الموقع المثير للجدل “عاد من جديد بعد غياب دام لأزيد من شهرين بسبب إغلاق حسابه القديم من طرف إدارة “تويتر” لمخالفته شروط استخدام الموقع، حسب رواية تسود وسط مراقبين مغاربة مهتمين بهذا الحساب المبهم، الذي لا يزال لحد الساعة يشكل لغزا، لم تستطع السلطات المغربية فكه بعد”. وقد أغلقت إدارة “تويتر” الموقع، الذي يشتبه في كونه فرنسيا، بناء على شكوى من الرباط نهاية العام الماضي. لكنه سرعان ما عاد إلى النشاط من جديد.
ويواجه المغرب حاليا أزمة دبلوماسية صامتة مع الجارة الكبيرة إسبانيا، حسب صحيفة “ألموندو” التي ذكرت، أول أمس، أن مزوار ألغى زيارة إلى مدريد كانت مرتقبة يوم 16 مارس الحالي، بسبب موقف وزير الخارجية خوسيه مانويل غارسيا المعارض لعقد منتدى كرانس مونتانا في الداخلة، بالأراضي الصحراوية بين 12 و14 من نفس الشهر.